رسالة تهنئة من المدير العام لمركز كافراد بمناسبة الاحتفال بعيد العرش، 30 يوليوز 2025 موجهة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب، نصره الله.
جلالتكم،
بمناسبة الاحتفال بعيد العرش، الموافق 30 يوليوز 2025، والذي يصادف ذكرى اعتلاء جلالته على عرش أسلافه المنعمين في 30 يوليوز 1999، يشرفني أن أتقدم إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب، نصره الله، بأحر التهاني وأصدق التمنيات بالسعادة والصحة وطول العمر والرخاء، سائلين المولى عز وجل أن يحفظ جلالته لما فيه خير شعبه الوفي، وإلى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا خديجة، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وجميع أفراد الأسرة الملكية.
اعترافًا مني بمغربية الصحراء وسيادتها الكاملة على كامل أراضيها، أود أن أعرب بكل احترام عن ولائي لصاحب الجلالة الشريفة، رئيس دولة المملكة المغربية وأمير المؤمنين، وعن عميق امتناني لقبولي مواطنًا من أبناء المملكة. منذ انتخابي مديرًا عامًا للمركز الإفريقي للتكوين الإداري والبحث من أجل الإنماء (كافراد)، وهي منظمة بيحكومية إفريقية أُنشئت بمبادرة من المغرب برؤية استثنائية لجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، لم أتعرض لأي تمييز في المعاملة مقارنة بالمغاربة. أنا مغربي مع عائلتي، وأشعر وكأنني في بيتي بالمغرب.
لذا، أجدد للملك والحكومة والشعب المغربي أسمى آيات الشكر والامتنان على كل الدعم الذي تلقاه المنظمة البيحكومية الإفريقية، تعبيرًا عن ولائي وتعلقي بالعرش العلوي المجيد.
شكر وطلب دعم سياسي
أود، بكل احترام وتقدير، أن أعرب عن خالص امتناني للدعم الذي حظيت به منذ ترشيحي لمنصب المدير العام للمركز الإفريقي للتدريب الإداري والبحث من أجل الإنماء (كافراد)، وللحفاوة التي حظيت بها في مملكتكم.
في ختام الدورة التاسعة والخمسين للمجلس الإداري لكافراد، انتُخبتُ مديرًا عامًا جديدًا لهذه المؤسسة. وأُدرك تمامًا أن صوت المملكة المغربية، بصفتها الدولة المؤسسة والمضيفة لكافراد، كان له دورٌ حاسم في هذه العملية. ولا تزال المملكة المغربية، قوةً دافعةً للدبلوماسية الفاعلة في القارة، ركيزةً أساسيةً للتكامل الإفريقي والتعاون فيما بين بلدان الجنوب، وداعمةً لنموذج التنمية الجديد.
بعد انتخابي، كلّفني المجلس الإداري بقيادة عملية تحول جذري لكافراد مع الحفاظ على روح آبائه المؤسسين.
وفقًا للمبادئ التوجيهية التي وضعها المجلس الإداري، أعتزم اقتراح إصلاح شامل للمنظمة الإفريقية كافراد بهدف تزويدها بالموارد القانونية والمؤسسية والبشرية والمالية اللازمة لمواجهة تحديات اليوم المعقدة ومتعددة الجوانب، لاسيما تحديات التحول الاقتصادي والرقمي والبيئي والاجتماعي والسياسي وتحديث الإدارات العمومية الإفريقية.
وفي هذا الصدد، أود بكل تواضع أن أواصل الاستفادة بشكل أكبر من الدعم الملكي والسياسي للمملكة المغربية، مؤكدًا لكم التزامي الكامل بترجمة ثقتكم بي إلى إجراءات ملموسة. إنني ملتزم بتنشيط كافراد بدعم أساسي من حكومتكم، والذي لولاه لما نجحت في المهمة الموكلة إليّ تمامًا.
وفي إطار ولايتي، عززتُ الرؤية الملكية للتعاون فيما بين بلدان الجنوب. ولتحقيق هذه الغاية، آمل أن يُدمج كافراد بشكل أكبر في الآليات الدبلوماسية المغربية لتعزيز نموذج دولة الرفاه المغربي في جميع البلدان الإفريقية، ونشر أفضل الممارسات المغربية المبتكرة في إفريقيا، والمساهمة في تعزيز نفوذ المملكة في إفريقيا. جلالة الملك محمد السادس، قائدٌ صاحب رؤيةٍ ثاقبةٍ في خدمة رفاهية الشعوب الإفريقية.
خلال ولايتي، أصبح كافراد أداةً لتنفيذ الرؤية الملكية للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، ويؤكد التزامه وقيادته الاستراتيجية في تعزيز المبادرات الرامية إلى تعزيز العلاقات بين البلدان الإفريقية وداخلها.
في الواقع، شدد جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بإنسانيته الكبيرة وروحه النبيلة، الملتزم بالحكم الرشيد في إفريقيا بوجه إنساني، والمفيد للشعوب الإفريقية، مرارًا وتكرارًا على أهمية التعاون فيما بين بلدان الجنوب، واصفًا إياه بـ”رؤية واضحة ومتسقة” وأداة أساسية للتنمية المشتركة. وأكد على دور المغرب كفاعل اقتصادي رائد في إفريقيا، مستعد لمشاركة إنجازاته وليكون قوة دافعة للتوسع المشترك.
وفي هذا الصدد، أودّ أن أذكر بعضًا من أهم أقوال جلالته:
- “رؤيتي للتعاون فيما بين بلدان الجنوب واضحة ومتسقة: بلدي يتشارك بما لديه، دون تكلف. ومن خلال التعاون المستنير، سيصبح المغرب، الفاعل الاقتصادي الرائد في إفريقيا، قوة دافعة للتوسع المشترك.”
- “تتزايد مشاركة دول الجنوب بنشاط في الساحة الدولية لحقوق الإنسان.”
- “ما تحتاجه إفريقيا حقًا هو هيكلة مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية.”
- “أفضل شريك لإفريقيا هو من يعرف أكثر من غيره كيفية دعم زخمها، وسدّ ثغراتها، والاستفادة من إمكاناتها.”
تُبرز هذه الاقتباسات رغبة المغرب في الانخراط الفعّال في تعاون جنوب-جنوب يُفيد الجميع، ويُركّز على التنمية البشرية والتضامن والشراكات ذات المنفعة المتبادلة. ومع ذلك، تُعدّ المبادرة الملكية الأطلسية لدول الساحل ومشروع خط أنابيب الغاز العملاق بين إفريقيا وأوروبا مثالين ملموسين على الرؤية الملكية. فتعاون جنوب-جنوب ليس مفهومًا فارغًا، بل هو تجسيدٌ لإفريقيا التي يجب أن تتوحّد وتظلّ غير قابلة للتجزئة (بتنوعها وثروتها، بالطبع) لخلق القيمة، وتحويل موادها الخام إلى منتجات نهائية، وبناء سلاسل القيمة الإقليمية، والمشاركة في بناء نظام دولي جديد ومتوازن ومتعدد الأقطاب، حيث تُصان مصالحها وتُحمى، كما هو مُبيّن في أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. في عالمٍ مُقسّم تمامًا، تُهيمن عليه القوة والصراعات الجيوسياسية وتنافسات القوة، لا خيار أمام إفريقيا سوى التوحّد في سبيل التميز.
تهدف أنشطتي إلى تعزيز نفوذ المغرب في إفريقيا كقائدٍ في مجال التعاون جنوب-جنوب. في الواقع، في 15 ماي 2025، نظمتُ النسخة الأولى من المؤتمر الدبلوماسي الإفريقي لمجموعة السفراء الأفارقة لدى المغرب (GAAM) حول موضوع الدبلوماسية المؤثرة، مع دراسات حالة حول دبلوماسية المشاريع، والدبلوماسية الاقتصادية، والدبلوماسية الثقافية والرياضية والسياحية للمملكة الشريفة. علاوة على ذلك، بدأتُ العمل مع المغرب، وعنه، ومن أجله في يناير 2020 عندما طلبت مني منظمة المغرب-إفريقيا (OMA) قيادة المؤتمر الذي نظمته هذه المنظمة في كوتونو في 29 يناير 2020، حول الدبلوماسية الاقتصادية للمغرب، رؤية ملكية، وقوة دافعة للتنمية الإفريقية.
ولأنه لا وجود للصدفة في الحياة، فقد قادني القدر إلى خدمة المغرب مباشرةً من خلال منصبي كمدير عام لكافراد. ولتحقيق هذه الغاية، أحشد وأعمل مع المؤسسات العمومية والجامعات (على سبيل المثال، برنامج الماجستير في الجغرافيا الاقتصادية والسياسية الذي يُشرف عليه الأستاذ موسى المالكي)، ومنظمات المجتمع المدني المغربية، مثل جمعية نور للصداقة المغربية الإفريقية (NAMA) التي تُديرها السيدة زيداني سليمة.
إلى جانب جميع الجهات الفاعلة المؤسسية المغربية، يعتزم مركز كافراد المساهمة في تعزيز نفوذ المغرب في إفريقيا وتحقيق الرؤية الملكية من خلال إجراءات ملموسة ذات أثر مُضاعف لتنمية القارة.
ننتهز أنا وفريق كافراد هذه الفرصة السعيدة لنُجدد لجلالته التزامنا الراسخ بأهداب العرش العلوي المجيد.
حفظ الله جلالة الملك وأعانه على عظمة رسالته.