في سنة 2025، تحتفل الأمم المتحدة بيوم التعاون فيما بين بلدان الجنوب تحت شعار استكشاف فرص وابتكارات جديدة من خلال التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي
في أعقاب انعقاد قمة المستقبل لسنة 2024، لا يزال العالم يواجه تحديات معقدة ومترابطة، متمثلة في تغير المناخ، والديون غير المستدامة، وانعدام الأمن الغذائي المستمر، وكذا الفجوة الرقمية المتنامية. وبينما لا يزال أكثر من 650 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، تكافح العديد من البلدان لتمويل خدماتها العمومية الأساسية، مثقلة بعبء الديون. في هذا السياق، يُعد التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي رافدين أساسيين لاقتراح حلول ملموسة ومحلية وشاملة، تُكمل المساعدات التقليدية التي عفا عليها الزمن.
وبحلول 12 شتنبر من كل سنة، يحتفل العالم بيوم الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب. ويُخلّد هذا التاريخ المختار ذكرى اعتماد خطة عمل بوينس آيرس (BAPA) سنة 1978 في مؤتمر الأمم المتحدة للتعاون التقني فيما بين البلدان النامية (TCDC). في الواقع، كانت الخطة المذكورة أعلاه بمثابة نقطة انطلاق لهيكلة وتعزيز التعاون فيما بين بلدان الجنوب، بهدف إضفاء الطابع المؤسسي عليه على نطاق عالمي.
هذه فرصة للتذكير بأهمية إرساء وضمان استدامة التعاون بين بلدان الجنوب العالمي، بالإضافة إلى ضمان التعاون المتبادل عبر الحدود بهدف تحقيق أهداف التنمية الرئيسية ومشاريع التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات العالمية، وذلك أحيانًا بشكل مشترك بين البلدان المعنية.
يُبرز شعار سنة 2025 – “فرص جديدة وابتكار من خلال التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي” – الأهمية المتزايدة لبلدان الجنوب العالمي في البحث عن حلول مبتكرة للتحديات العالمية. تُعزز هذه الأشكال من التعاون تبادل الخبرات، وربط المبادرات الناجحة، وتعزيز الشراكات الشاملة. ووفقًا للأمم المتحدة، تشمل أولويات السنة تمويلًا أكثر استدامة وذكاءً، وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الأزمات المتعددة، والتعبئة حول أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز القيادة من بلدان الجنوب. تُساعد أدوات مثل “مجرة الجنوب-الجنوب” و”مختبر الحلول” على تعزيز هذه الجهود عالميًا بهدف بناء مستقبل أكثر إنصافًا واستدامة. لقد اتُخذت مبادرات تعاون عديدة بين دول الجنوب، ويُظهر نجاحها الرغبة القوية في التضامن بين شعوب وحكومات ودول الجنوب العالمي. ومن خلال هذا اليوم التذكاري، يُرحب مركز كافراد بالتقدم المُحرز ويُجدد التزامه الراسخ والثابت بالعمل جنبًا إلى جنب مع دوله الأعضاء، وكذا جميع دول إفريقيا ودول الجنوب العالمي، للنهوض بالمجتمعات نحو مستقبل مزدهر.
على المستوى التنظيمي، تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة أنشأت مكتب الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب (UNOSSC)، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز هذه العملية على نطاق عالمي، وتسهيل تفعيل مشاريع التعاون، مع ضمان نجاح الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة. يُشرف المكتب على التنسيق العالمي، ويُسهل تبادل المعلومات والخبرات والممارسات المبتكرة، ويدعم السياسات العمومية التي تُعزز التعاون فيما بين بلدان الجنوب.
هذا ويحتفل كافراد، بدوره، بيوم التعاون الثمين، تذكيرًا بقوة التضامن الإفريقي التي تجلّت في إحداث هذه المنظمة البيحكومية الإفريقية سنة 1962، بهدف تبادل أفضل الممارسات المبتكرة والجديدة في مجال تحديث النظام الإداري الإفريقي. إن الدعوة إلى التعاون والدعم المتبادل، بعد مرور أزيد من 63 سنة منذ إحداثها، أصبحت اليوم أكثر إلحاحًا، في عالم دائم التغير يتطلب أنظمة إدارية تُنظّم وتُعدّل باستمرار، وتتمتع بقدر من المرونة في إدارة الشؤون العمومية لمواجهة دورة الأزمات المحدودة، وتعددها.
وأخيرا، يُعتبر التعاون فيما بين بلدان الجنوب هو حالة ذهنية قائمة على الثقة المتبادلة والاحترام ومنطق البناء المشترك. ومن خلال تعزيز الحوار، نخلق فرصًا للتنمية الشاملة والمستدامة للجميع.